ثلاث ملاحظات لابد منها حول مشروع الـإتحاد من أجل المتوسط

من خلال أطلاعي على العديد من الوسائل الإعلامية مؤخرا التي تكلمت عن مشروع الإتحاد من أجل المتوسط كان لابد من طرح ثلاث ملاحظات أرى أنها جوهرية في دراسة الموضوع المطروح

الأولى: من خلال ماسبق دكره و بالإضافة للواقع العملي فإن دراسة موضوع العلاقات الأورومتوسطية تقوم على رؤية ثلاثية الأبعاد لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن نعطل أي بعد من هده الأبعاد و هي الثقافة و السياسة و الإقتصاد في العلاقات الأورومتوسطية فهي أبعاد تتشابك فيما بينها و أي سلوك أو مشروع أوروبي تجاه الضفة الجنوبية تحكمه هده المعادلة ,و منه فدوائر صنع القرار في الإتحاد الأوروبي تدرك جيدا مدى الإرتباط الوثيق التي تشكله هاته الأبعاد مجتمعة (يمكن أن نعطي أمثلة واقعية عن هده الأبعاد ثقافيا الإسلاموفوبيا أو ظاهرة معاداة الإسلام,سياسيا المطالبة بالديقراطية و احترام حقوق الإنسان ,اقتصاديا المطالبة بتوفير جو استثماري آمن خاصة اصلاح البنكي,و بالطبع تأميم مصادر الطاقة و هي الثابت خاصة و أنها منطقة تضمن أقطار صنفت ضمن الحزام الطاقوي الأوروبي مثل الجزائر المورد الطاقوي الرئيسي في المنطقة للإتحاد الأوروبي )

ثانيا: أعتقد أن الهدف الإستراتيجي الأوروبي تجاه المنطقة و أقصد الضفة الجنوبية هو ضمها للفضاء الحيوي للإتحاد الأوروبي و الدي توسع ليشمل 25 دولة ـ كما تفضلت الدراسة من قبل ـ و الدي يبحث ليكون قطب اقتصادي يوازي الولايات المتحدة الأمريكية كقوة اقتصادية في مرحلة الأولى ,ثم سياسيا في مرحلة اللاحقة و ربما أمنيا فيما بعد رغم صعوبة المهمة حيث أنه مازال تحت المظلة الأمنية للحلف الأطلسي الدي يشهد بدوره توسع و تطور غير مسبوق

ثالثا: إن الإتفاقيات التي وقعت مع الإتحاد الأوروبي في إطار برشلونة تتميز بعدم التوازن من حيث أن الشراكة تقوم أساسا على وجود طرفين متوازيين أو على الأقل متقاربين من حيث القوة (السياسية,الإقتصادية,الإجتماعية) وهدا ما لا نجده في دول الضفة الجنوبية التي مازالت تعيش في مرحلة حراك سياسي و اقتصادي و أمني و حتى ثقافي هدا من جهة , و من جهة ثانية كون مسار برشلونة و منه الإتحاد من الأجل المتوسط أوروبيا فهو يعكس رؤية الجانب الأوروبي بالدرجة الأولى ـ بالطبع هناك خلافات بينية داخل البيت الأوروبي و لكن على الأقل هو الرؤية المجمع عليها من خلال أليات صنع القرار داخل الإتحاد ـ أكثر من أنها رؤية مشتركة مع الدول المتوسطية الأخرى المطالبة بالدخول في التجربة
الإستنتاج:
و في الأخير أعتقد أن الحوار الأورومتوسطي المطروح مند فترة مازالت قنواته تعاني من الإختناق الناجم عن اختلاف المفاهيم و ترتيب الأولويات (و هدا ما نلمسه من خلال المشاريع المتكررة لتعويض شعوب الضفتين ما فاتهم من فرص للتعاون و الشراكة) و بما أننا لا نعيش في جزر معزولة و في ظل ما يسمى بالعولمة التي تجتاح العالم و لأن أوروبا هي الأقرب جغرافيا و تشترك مع منطقتنا في جزء من التاريخ و التوجهات و حتى في بعض الثقافات (ما يعرف في علم الإجتماع بالثقافات المتوسطية) لهده الأسباب و غيرها أرى أن الضرورة الحياتية المعاصرة باتت تدفعنا دفعا لمد اليد نحو أوروبا دون الإنسلاخ عن البعد العربي و المحيط الإقليمي القاري (إفريقيا و آسيا) ,