1) الحرب النفسية وكما موضح في العرض أعلاه شاملة في أهدافها متداخلة في أساليبها ووسائلها، مركزية في التخطيط لتنفيذ خطواتها، وهذه المبادئ يمكن تطبيقها أيضاً على أساليب التعامل التي تنتهجها الأجهزة المعنية في المجتمعات المستهدفة. فالتخريب الفكري والقيمي الذي يمكن أن يضعه الطرف المقابل هدفاً لحربه النفسية على سبيل المثال يحتاج الرد عليه أو تجنب حدوثه عدة خطوات تبدأ أولاً بتحديد أشكاله ومن ثم قياس شدته واتجاهاته ووصف الأدوات والوسائل المستخدمة لتنفيذه، وهي جهود تعتمد بالدرجة الأولى على الرصد والتحليل والمتابعة بأسلوب البحث العلمي الذي يأخذ فيه علم النفس والاجتماع الحصة الأكبر بين علوم أخرى ذات صلة بالسلوك البشري وتعديلاته المقننة مثل الإعلام والتربية وغيرها. وهذا تصور يعين على تحديد حاجة المنطقة العربية والإسلامية أولاً إلى تنظيمات تخصصية فعالة، تأخذ على عاتقها واجب التحليل العلمي للصراع ورصد اتجاهات الحرب النفسية المعادية والعمل على مقاومتها.
2) أن يركز القادة العرب والمسلمون جهدهم للمساعدة في دفع المجتمع العربي والإسلامي لأن يخطو إلى الأمام خطوات سريعة تنسجم والتطور الحضاري السائد في العالم وتسهم في تقليص الهوة الموجودة بينه من جهة والمجتمعات المتقدمة من جهة أخرى، سعيا لتكوين فهم مشترك مع تلك المجتمعات تساعد على تسهيل التعامل معها بعيدا عن التآمر والشك والخوف والتوجس
3) أن تسعى الجهات والمراجع الدينية لتقديم الإسلام بروحه الأصيلة دينا للود والتسامح والتعاون، وتذليل الصعاب وسهولة التعامل مع الآخرين من خلال النشر والبرامج المعدة للفضائيات والأفلام السينمائية وغيرها من وسائل متعددة.
4) تخصيص جهد أكبر في مجال نشر الوعي الديني خارج المنطقة العربية والإسلامية، أي في الدول الغربية وأمريكا، ومحاولة تكثيف الدعم والإسناد للمسلمين المهاجرين إلى تلك الدول ليكونوا أداة تعريف جيدة بمبادئ الدين الإسلامي من ناحية وصلة تفاهم مع الديانات الأخرى من ناحية ثانية.
5) على البعض من المسلمين المقتدرين تغيير أساليب دعمهم المالي آخذين بنظر الاعتبار معالم العصر الحالي وذلك بتخصيص قدر من تبرعاتهم لنشر الوعي الإسلامي وتعميم الثقافة، ودعم التعليم الديني والعلمي، وفتح المدارس والمؤسسات العلمية ومراكز البحوث الإسلامية داخل المنطقة وفي بلاد الغرب.
6) أن يخصص جهد أكثر في وسائل الإعلام والتربية المحلية لتعزيز القيم والمعايير والتقاليد العربية والإسلامية التي تساعد على تحصين الإنسان المسلم في المنطقة من تأثيرات المد الأجنبي غير الملائم.
7) أن تتخلص الدول العربية والإسلامية وقادتها من موضوع التعامل على أساس الفعل ورد الفعل مع الأحداث والتوجهات المقابلة، وفي مجال الحرب النفسية الذي تتفوق به الدول الكبرى على سبيل المثال لا ينبغي التعامل على أساس المنع والتحريم المباشر الذي يصعب السيطرة عليه تقنيا، وبدلا عنه ينبغي التركيز على البناء النفسي القوي لأفراد المجتمع وتقوية فاعلية الضمير الإسلامي الكفيل بالتحريم الذاتي الأكثر ضمانا في الحماية من أنواع التحريم الأخرى الخارجية التي تأتي من قبل الدولة على وجه الخصوص.
وختاما علينا التأكيد أن الحرب النفسية باتت سلاحا فعالا تلجأ إليه أو تمارسه العديد من الدول والنظم السياسية في وقتنا الراهن بغية التأثير على المجتمعات المستهدفة، صديقة كانت أم عدوة، باتجاه إيجاد تقبل للأفكار وتكوين قناعات تؤمن مصالحها. وهي - أي الحرب النفسية - استخدام مستمر للعديد من الفعاليات وفق معطيات علم النفس التطبيقية قطعت فيه بعض الدول الكبرى أشواطاً بعيدة المدى حتى عدّ البعض استخداماتها تمهيداً لسيادة نوع جديد من أنواع الاستعمار يستعبد الناس فكرياً ونفسياً، والحرب النفسية بهذا المستوى أصبحت تخصصاً علمياً دقيقاً وسلاحاً سرياً شاملاً لا نملك نحن العرب والمسلمين إلا القليل من مفرداته، التي لا يجازف الغرب بتزويدنا أو حتى بيعنا بأثمان باهظة شيئاً منها ونحن الموجودين على رأس قائمة أهدافه الحالية والمستقبلية، وعلى هذا الأساس لم يبق أمامنا سوى جهودنا الذاتية التي ينبغي أن نبدأ بها أولاً وكلما كـأن ذلك ممكنا، حتى لا نجد أنفسنا يوماً وقد توقفنا آخر الركب ندفع ثمن عجزنا من أموالنا وأهـدافنا وطموحاتنا دون أن نجد من يمد لنا يده أو حتى يدفعنا إلى الأمام. والبداية عملية لابد أن تتأسس على إمكانات معقولة توضع في تنظيمات مناسبة قادرة على رصد وتحليل اتجاهات الحرب النفسية المقابلة، تأخذ في اعتبارها محاولة الاطلاع على جهود الغير وسبر غور البحث العلمي الذي يساعد كثيراً في التوصل إلى نهج عملي يقي المجتمع العربي والإسلامي من أية توجهات غير مناسبة.